اليقين
تحقيقات

النهاري .. الأصلاح سبب رئيسي فيما تعيشه اليمن اليوم من خراب واحتراب

اليقين

أجرت صحيفة الدستور المصرية لقاءً صحفي مع الدكتور عبد الحفيظ النهاري
باحث في الاتصال السياسي ونائب رئيس الدائرة الاعلامية للمؤتمر الشعبي العام عن جماعة الأخوان المسلمين وتأثيرهم في الوقت الحاظر موقع " اليقين " ولأهميتها يعيد نشرها كاملة .

نص المقابلة :

الدستور 1ـ كيف ترون تأثير جماعة الإخوان على العملية السياسية في اليمن واستمرار الحرب؟


الدكتور عبد الحفيظ :

حزب التجمع اليمني للإصلاح )الغطاء السياسي لإخوان اليمن( سبب رئيسي فيما تعيشه اليمن اليوم من خراب واحتراب، ابتداء بالتحريض ضد الدولة، في أحداث 2011، وما قبلها مستعينا بالجماعات الإرهابية الموالية له مثل تنظيم القاعدة والجهاد، وتنظيم الدولة الإسلامية، وتنظيم جيش عدن أبين، والسلفيين، وكانت صحافة التجمع منبرا للدفاع عن الجماعات الإرهابية وغطاء سياسيا لها، تجتهد في تحريضهم على الدولة وتبرير أفعالهم، بما في ذلك الحركة الحوثية المسلحة المتمردة على الدولة في محافظة صعدة إبان حروبها الست مع الدولة.
ولما جاءت المبادرة الخليجية وقعوا عليها على مضض، وفي نيتهم الانقلاب عليها بمجرد انتقال السلطة الرئاسية، أي بعد الخطوة الأولى لها، وهذا ما تم من خلال انقلابهم العسكري داخل القوات المسلحة من خلال انشقاق الفرقة الأولى مدرع بقيادة الجنرال علي محسن الأحمر حيث أراد الإخوان على إثر ذلك تشكيل مجلس عسكري لإدارة البلاد.
وبعد تشكيل حكومة الوفاق بناء على المبادرة الخليجية مارسوا الأقصاء ضد كل شركاء الوفاق وفي مقدمتهم المؤتمر الشعبي العام وحلفائه.
وبالرغم من كون التجمع اليمني للإصلاح هو من استدعى دخول الحوثيين إلى صنعاء للمشاركة في احتجاجات الشباب ضمن مسمى "شباب الصمود" ،نكاية في النظام، إلا أنه بعد ذلك خاض حرب إقصاء ضدهم في مؤتمر الحوار الوطني وفي معارك عقائدية وحزبية مسلحة في محافظات صعدة وحجة وعمران والجوف، انتهت بتغلب الحوثيين.
وكان استحواذ الإخوان على السلطة والثروة وأخونتهم لمؤسسات الدولة سببا رئيسيا في تذمر حركة أنصار الله الحوثية التي تبحث لها عن مكان في المعادلة الجديدة باعتبارها شريكة في احتجاجات 2011، وهو ما ضاعف النقمة على الإخوان وساعد على نمو موجة من التذمر والاحتجاجات السلمية والمسلحة التي أدت فيما بعد إلى إسقاط الحكومة الانتقالية، ومن ثم إسقاط الدولة والعاصمة من قبل الحوثيين.
والإخوان اليوم يحتكرون مفاصل السلطة الشرعية مع الأسف، ويسخرون إمكانات التحالف العربي وإمكانات معركة استعادة الشرعية لفائدتهم التنظيمية، ويجرون التحالف والرئيس عبد ربه منصور هادي إلى أجندتهم لتصبح المعركة من أجل تحقيق استحواذهم على السلطة وتحكمهم في مقدرات اليمن، والمنطقة عبر تنظيمهم العابر للحدود.
ولقياداتهم في الحكومة الشرعية في السعودية استثمارات كبرى، وهم يسيطرون على إعلام الشرعية ومن ذلك قناة " اليمن" و " الشرعية " وتتبعهم قناة " يمن شباب " الموجهه إلى شريحة الشباب منذ أحداث 2011، وهم يسيطرون على الإعلام الدبلوماسي من خلال تعيين أعضاءهم كمستشارين وملحقين إعلاميين وثقافيين في معظم سفارات الجمهورية اليمنية بالخارج بقرارات تعيين حكومية، بل إن الناطق الرسمي باسم الحكومة من قيادات الإخوان وهو رئيس تحرير سابق لصحيفة "الصحوة" الناطقة باسم التجمع اليمني للإصلاح ـ إخوان اليمن ـ ولهم أكثر من نصف حقائب الحكومة الشرعية، والمحافظين والمسؤولين والقادة العسكريين، والسفراء والملحقين الدبلوماسيين، بل إن محافظة مأرب أصبحت مقاطعة خاصة بهم من خلال المحافظ الإخواني وكذلك محافظ محافظة الجوف المجاورة، فهم يسخرون استخراج النفط والغاز وعائداتهما للتنظيم ولا تدخل عائدات هذه الثروة إلى خزينة الدولة، ويرفضون توريد عائدات النفط في مأرب وفي غيرها إلى خزينة الدولة وإخضاعها للأصول المحاسبية والرقابة الحكومية.
وأصبح تيار الإخوان داخل الحكومة الشرعية عائقا أمام أي اصطفاف وطني حقيقي من أجل استعادة الشرعية والدولة، وسبب رئيسي في إقصاء القوى الوطنية وفي تحجيم الشراكة الوطنية في هذه المعركة المصيرية، التي بدوا فيها كأنهم المقاولون الحصريون لها، وأصبح تنظيم الإخوان يقوض العملية السياسية على عدة مستويات، أولها ما يطلق عليه " تنويم جبهات القتال" بما يساعد الحوثيين على التمدد والحفاظ على المصالح المشتركة بينهما، والتفاهم السري بين الإخوان والحوثيين من خلال تبادل الأسرى والتفاوض الثنائي خارج القنوات الرسمية للشرعية.
ومن ذلك أيضا محاولة وضع محافظة تعز ومحافظات أخرى خارج سيطرة الحكومة الشرعية، بعد أن أصبح الراعي القطري لمليشيا الإخوان، ومليشيا الحوثيين واحد، وتحولت أجندة الإخوان باتجاه المواجهة مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في الأراضي المحررة، ومع معسكرات الجيش الرسمي في تعز، بدلا من مواجهة الحوثيين، وذلك رغبة في تعزيز مواقعهم ومصالحهم التنظيمية، ومن ذلك محاولة غزو الجنوب وعدن بالقوة العسكرية والجماعات الإرهابية للاستيلاء على المنافذ البحرية والثروات تحت غطاء الشرعية، والمحاولات الحثيثة المعلنة والعدائية ضد قوات حراس الجمهورية والمقاومة الوطنية في الساحل الغربي بقيادة العميد/ طارق صالح، وذلك لغرض سرقة الانتصارات التي حققتها تلك القوات، والاستحواذ على تعز وميناء المخاء، وباب المندب والساحل الغربي، لصالح التدخل القطري والتركي.
أصبح من الواضح بعد عشر سنوات من التخريب المباشر لليمن وإذكاء الصراعات فيه وخمس سنوات من الحرب تحت شعار استعادة الشرعية، أن الإخوان قد صاروا تجارا رئيسيين في الحرب يستثمرونها على أكثر من صعيد، ولم يعودوا يفضلون استعادة الشرعية إلا إذا كانت ستقدم لهم السلطة خالصة لهم دون غيرهم وإقصاء كل القوى الوطنية المشاركة في النضال من أجل استعادة الدولة والشرعية، لذلك سيكونون عائقا جديدا أمام أية تسوية سياسية، وسيصبح تحالفهم مع الحوثيين محل تقاسم للمصالح ضد استعادة الدولة والشرعية الدستورية.


الدستور : 2 ـ هل هناك تعاون بين الإخوان وجماعات القاعدة باليمن؟ وإن كان ذلك فكيف أثر على الوضع الأمني والسياسي؟

الدكتور عبد الحفيظ :
منذ وقت مبكر من التسعينات كان هناك تعاون بين الإخوان ممثلين في " حزب التجمع اليمني للإصلاح" وجماعات تنظيم القاعدة، ومن قبلها تنظيمات جهادية وتكفيرية مشابهة، حيث شكل العائدون من أفغانستان تحالفا مع تنظيم الإخوان في الجيش ـ الفرقة الأولى مدرع والمعسكرات التابعة لها ـ وفي حزب الإصلاح بتركيبته ) القبلية ـ العسكرية ـ الدينية ( ضد القوى المدنية وبالذات الحزب الاشتراكي اليمني ,والقوى المدنية، واستهدفوا بالاغتيالات عدد كبير من قادة الحزب الاشتراكي خلال الثلاث السنوات الأولى للوحدة، بتغطية لوجستية من قيادات إخوانية في الجيش وقيادات قبلية، وتغطية تنظيمية وإعلامية من قبل حزب التجمع اليمني للإصلاح، واستهدفوا الوحدة ودستورها ومؤسساتها المدنية والديمقراطية، والتعددية الحزبية والانتخابات.
وكان الخوف من تنامي رصيد الحزب الاشتراكي والخوف من الديمقراطية الوليدة في دولة الوحدة هو المناخ الذي وفر للجماعات الإسلامية الإرهابية الغطاء السياسي نكاية بالحزب الاشتراكي والقوى السياسية المدنية.
واعتبرت تنظيمات الجهاد والقاعدة ومعها التجمع اليمني للإصلاح، بأن حرب 1994 من وجهة نظرهم هي تطهير للجنوب من الملحدين ـ القضاء على الحزب الاشتراكي اليمني ـ والدولة العلمانية، مثل ما كان الجهاد في أفغانستان ضد الوجود السوفيتي، واعتبروها امتدادا لذات المعركة، وكفروا منتسبي الحزب وسفهوا كل ممارساته الوطنية، ولهم فتوى شهيرة تنسب لعبد الوهاب الديلمي في استباحة عدن وأهلها آنذاك.
وبعد سلسلة التفجيرات التي نفذها "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" في السعودية، هربت معظم العناصر إلى اليمن وإلى جهات أخرى مع الملاحقات الأمنية السعودية، ووجدت في التجمع اليمني للإصلاح غطاء سياسيا ولوجستيا وحاضنة مناسبة لتقويض الأمن وضرب المصالح الوطنية والإقليمية والدولية، وكان قد تجمع في اليمن عدد كبير من المنتمين لحركة الإخوان المسلمين في مصر، ومنهم خريجي الأزهر وعلماء دين ومدرسين وذلك تحت غطاء التدريس في المعاهد العلمية التي كانت هيئة مستقلة يديرها الإخوان ويتحكمون في مواردها وميزانيتها المعتمدة من الدولة، وقبل ذلك من السعودية.
وكانت العملية الإرهابية التي استهدفت المدمرة الأمريكية SS كول عام 2000 في خليج عدن واحدة من عمليات القاعدة التي تمت تحت تغطية لوجستية من معسكرات إخوانية داخل الجيش، وبعد التحقيقات أصبحت جامعة الإيمان، والفرقة الأولى مدرع، وشخصيات إخوانية دينية وعسكرية وسياسية معروفة في قائمة الاتهام، والمطلوبين من الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت الولايات المتحدة على وشك توجيه ضربة مباشرة لجامعة الإيمان بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م لولا جهود الدولة التي حاولت تفاديها حفاظا على الاستقلال الوطني وتجنيب الأجواء اليمنية من الانتهاك الخارجي، وحفاظا على نص دستوري يؤكد على تجريم تسليم مواطنين مطلوبين إلى دولة أجنبية، بعد أن أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية شخصيات إرهابية مطلوبة، وطالبت بتسليمهم إلى السلطات الأمريكية، مع إقرار السلطات اليمنية بالتطرف الفكري الذي تقوم به جامعة الإيمان التي يديرها ويرعاها الشيخ عبد المجيد الزنداني الذي كان ضمن مدرسة أفغانستان الجهادية، وكان من الشخصيات المطلوبة أمريكيا آنذاك وقيادات إخوانية في الجيش وكلها موجودة حاليا في الرياض تحت غطاء الحكومة الشرعية وحزب التجمع اليمني للإصلاح.
وبعد إلغاء المعاهد العلمية ـ الدينية ـ التابعة لتنظيم الإخوان في اليمن، على إثر أحداث 11 سبتمبر تحت الضغوط الأمريكية لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع الإرهاب الفكري، تكثفت العمليات الإرهابية للقاعدة والتنظيمات الإرهابية داخل الأراضي اليمنية مستهدفة أمن اليمن والمملكة العربية السعودية.
ونشأ تنسيق مشترك لمكافحة الإرهاب بين السلطات اليمنية، والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية وتمخض التنسيق الأمني اليمني ـ الأمريكي عن بناء وتمويل وحدات خاصة بمكافحة الإرهاب، ودعم لوجستي لخفر السواحل اليمنية.
وارتكبت التنظيمات الإرهابية سلسلة من الجرائم في عدن وأبين وشبوة وصنعاء وغيرها وتعددت تنظيماتها مثل: تنظيم الجهاد، وجيش عدن أبين، وأنصار الشريعة، والقاعدة، وغيرها.
وفي العام 2004 أتهم المدعون العامون الفيدراليون في نيويورك جمعيات خيرية في الولايات المتحدة تعمل كواجهة لتنظيم القاعدة، ترتبط بعلاقات مع قيادات إخوانية متطرفة معروفة في اليمن ومنهم،أنور العولقي ـ الذي قتل بضربات جوية أمريكية في اليمن. بعد ذلك.
من خلال ما ذكرنا وهو غيض من فيض نستخلص دور الإخوان في تقويض أمن واستقرار اليمن لأمد طويل، وتقويض مؤسسات الدولة، وتقويض الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
الدستور 3 ـ هل هناك تعاون بين الإخوان مع قطر لدعم مشروعها في اليمن؟

الدكتور عبد الحفيظ :
منذ أحداث 2011، التي قاد فيها التجمع اليمني للإصلاح ـ إخوان اليمن ـ وحلفاؤه من المتطرفين الإسلاميين في تركيبتهم الثلاثية )المؤسسة الدينية، والقبيلة والجيش(، الاحتجاجات وعمليات التخريب ضد النظام، بدا التعاون الإخواني القطري، واضحا وقامت قناة الجزيرة بالتغطية المباشرة للأحداث والترويج للفوضى والتخريب، والدفاع عن عنف تلك الجماعات، وتبرير الأعمال الإرهابية وأعمال العنف ضد الدولة وضد المؤسسات الدستورية والديمقراطية في البلاد. مثلما فعلت في كل الدول العربية التي استهدفتها فوضى الأخوان في ما أطلق عليه زرورا احتجاجات الربيع العربي، بل إن قناة " سهيل " التابعة لتجمع الإصلاح في اليمن كانت تتناوب في النقل المباشر مع قناة الجزيرة وهو ما لم يحدث في أي بلد عربي شهد موجة الاحتجاجات تلك، بل إن قناة الجزيرة دربت فريقا من الإعلاميين لصالح قناة "سهيل" الإخوانية الناطقة باسمهم، وظلت القناتان تتشاركان في نقل الأحداث وممارسة التضليل والكذب، وظلت قناة الجزيرة هي المنبر الذي يحرضهم ويبرر جرائمهم المرتكبة، وسلوكهم الانقلابي على المؤسسات الدستورية.
وفي حرب استعادة الشرعية كان التحالف العربي قد أعلن في 5 يونيو 2017 انسحاب قطر من المشاركة في حرب استعادة الشرعية في اليمن، واعتبر بيان صادر عن التحالف العربي أن المشاركة العسكرية القطرية مع التحالف جاءت للتغطية على دعم الدوحة للإرهاب في اليمن، وتمويل تنظيمات تحاربها قوات التحالف العربي، مثل داعش والإخوان، والقاعدة، ومليشيات الانقلاب الحوثية، وبما يتناقض مع أهداف التحالف، وأن الدعم القطري للتنظيمات الإرهابية أثناء مشاركتها في عاصفة الحزم، جاء استكمالا للدور الذي لعبته في سنوات سابقة، عبر دعم مالي لجماعات إرهابية متصلة بتنظيم القاعدة، وهي تمويلات ساعدت على تقوية حضور تنظيم القاعدة في الجنوب اليمني، ومن ذلك سيطرة التنظيم على سواحل محافظة حضرموت في 2 أبريل 2015م، وعلى حقول النفط والمؤسسات السيادية فيها، وتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية ضد المعسكرات والمراكز الأمنية والاغتيالات.
وقامت قطر بإخراج قيادات الأخوان من اليمن، وتجنيبهم الحرب، وأصبحت أنقرة والدوحة، مقرا دائما لقيادات التنظيم الإخواني، وعلى رأسهم شيخان الدبعي، الذي يقوم بمهام التنسيق بين إخوان الداخل وإخوان الخارج، وهو متهم بعمليات اغتيال استهدفت قادة وعسكريين يمنيين. وهذا تتويج لاستثمار قطري في التنظيمات المتشددة في اليمن على مدار سنين فاتت، وعلى رأسهم حزب التجمع اليمني للإصلاح ـ إخوان اليمن ـ الذي أدرجت الولايات المتحدة أهم قياداته على لائحة الإرهاب الدولي لتسهيلهم الدعم المالي واللوجستي لتنظيم القاعدة في اليمن، حيث يمتلك حزب الإخوان في اليمن حوالي 90 وسيلة إعلامية جميعها مدعومة من قطر وتركيا.
وخرجت قطر من التحالف العربي لتصبح ظهيرا للحوثيين والأخوان معا، خاصة مع المواجهة القائمة بين الإمارات العربية المتحدة مع قطر، وجماعة الإخوا ن المسلمين ومنهم التجمع اليمني للإصلاح المتواجد تحت مظلة الحكومة الشرعية، وأصبحت الجزيرة والإعلام القطري منابر للحوثيين والإخوان على السواء، وكذلك التمويل المالي والعسكري والتنسيق المشترك بين الخصمين العقائديين المذهبيين، الإخوان والشيعة الحوثيين. والإخوان يتوزعون الأدوار بين قياداتهم في الرياض، وفي الدوحة، وفي تركيا، ويتلونون بحسب ما تقتضيه المتغيرات الإقليمية والدولية، ولديهم جيش إلكتروني وإعلامي يمكن معرفتهم بسهولة بمهاجمتهم للإمارات وللمملكة وهم يتقاضون مرتبات ويتبوأون مناصب في حكومة الشرعية.


الدستور 4 ـ أشارت بعض التقارير إلى تدريب تركيا لعناصر من إخوان اليمن ليكونوا ذراعا لها .. ما مدى صحة الأمر؟ وإن كان كذلك كيف سيؤثر على المستقبل السياسي لليمن؟

الدكتور عبد الحفيظ :
في وقت مبكر من العام 2011 ، ضبطت السلطات اليمنية باخرة تركية تحمل شحنة كبيرة من الأسلحة ـ صناعة تركية ـ ومنها كمية كبيرة من مسدسات كاتمة الصوت، لصالح قيادات الإخوان المسلمين في اليمن، وشهدت اليمن بعدها سلسلة من الاغتيالات لقادة الجيش والأمن السياسي، وضباط الدفاع الجوي، والطيران الحربي، وإسقاط وتخريب جملة من الطائرات الحربية، وسلسلة من التفجيرات الإرهابية الكبيرة وعمليات إرهابية استهدفت الجيش والأمن والمدنيين، تحمل بصمات تنظيم القاعدة بتسهيلات وتغطية من الفرقة الإخوانية المنشقة عن الجيش.
وفكريا روج تنظيم الإخوان المسلمين ومنهم إخوان اليمن، للخلافة العثمانية منذ نشأة تنظيمهم ضمن ثوابتهم في قراءة التاريخ، ومجدوا الغزو والاحتلال العثماني لليمن، وحاولوا تبريره والدفاع عنه وتلميعه، وناصروا عودة الأحزاب ذات المرجعية الدينية في تركيا وفي مقدمتها حزب الرفاه ومن بعده حزب أردوغان البديل، ويروجون للمنتجات التركية والتبادل التجاري معها، واعتمدت تسهيلات السفر بين البلدين بدون تأشيرة، خلال سيطرة الإخوان على السلطة الانتقالية، وتوسع التنسيق التنظيمي والسياسي والعسكري والأمني الذي من شأنه أن يمهد لعودة لنفوذ التركي في اليمن الذي انقطع منذ سقوط الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.
ومن المسلم به أن مجاميع إخوانية إرهابية يمنية ذهبت للمشاركة في سوريا بدافع عقائدي هو مواجهة المد المذهبي الشيعي وإسنادا لمشروع الخلافة الإسلامية ـ الذي تبناه داعش والجماعات الإرهابية الأخرى ـ مقابل مشروع الإمامة الشيعية، وتدربت تلك المجاميع في تركيا وسوريا وقاتلت هناك مع الجماعات الإسلامية الإرهابية المتعددة، التي مارست التخريب والإرهاب، وبعد أن ضاقت حلقة الحركات الإرهابية في سوريا كانت تركيا هي الحاضنة لأولئك المقاتلين الإرهابيين المتطرفين الذين حظوا برعاية مباشرة منها وبتمويل من قطر وغيرها.
وعمليا من خلال التحالف القطري ـ التركي، تم دخول تركيا على خط الصراع في اليمن والخليج، وتم دعم المقاتلين الإرهابيين من الجماعات الإسلامية ومنهم إخوان اليمن وحلفاءهم من الجماعات الإرهابية المتطرفة.
وقد وزع الإخوان عدد كبير من قياداتهم العليا والوسطية والقيادات الإعلامية واستثماراتهم بين الرياض وكل من قطر وتركيا وماليزيا، وهم يستثمرون المليارات من الأموال هناك ولهم قنوات فضائية تصدر من تركيا منها: قناة "بلقيس" التابعة للإخوانية توكل كرمان، وقناة "سهيل" وقناة "يمن شباب" وقناة " المهرية"، وقناة "رشد" التي يشرف عليها الجناح السلفي في تيار الإخوان، ويشرف عليها أحد وزراء الحكومة الشرعية عبد الوهاب الحميقاني وهو أحد المدرجين في قوائم الإرهاب التي أعلنتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وأصبحت تركيا منصة تنظيمية لهم، وطنوا فيها استثماراتهم وتملكوا العقارات واستثمروا أموالهم كأفراد وكتنظيم، وأسسوا المنابر الإعلامية والخلايا التنظيمية، وأصبحت تركيا وقطر منطلقا للتنظيم الإخواني وعملياته عبر العالم الإسلامي والعربي.
وبعد التدخل التركي في ليبيا ونقل تركيا للمليشيات الإرهابية من سوريا إلى ليبيا لضرب القوى الوطنية الليبية والتوسع والسيطرة على ليبيا وعلى منابع النفط والغاز هناك، باستدعاء ودعم تنظيم الإخوان في حكومة الوفاق غير الشرعية، تشجع إخوان اليمن واكتسبوا نشوة جديدة وعبروا في خطابهم السياسي والإعلامي عن رغبتهم في استدعاء حليفهم التركي العقائدي والتنظيمي للسيطرة على المنافذ البحرية الاستراتيجية في اليمن، بتمويل وترويج قطري.
حيث بدأ إخوان اليمن في استحداث بؤر نشاط عسكري وإرهابي جديدة في تعز، وشبوة، وأبين، بغرض النفاذ إلى السواحل الشرقية والغربية، واستعداء شركاء التحرير في الحرب الشرعية مثل قوات الانتقالي في المحافظات الجنوبية، وقوات طارق صالح في الساحل الغربي والمقاومة الوطنية في الحديدة.
وأصبحت عملياتهم تستهدف مباشرة القوات الحكومية وقوات الحزام الأمني، وقوات حراس الجمهورية، والعمالقة، وقوات المقاومة التهامية، وقيادات المؤتمر الشعبي العام، ومسؤولي الدولة ورجالات الأمن والقوات المسلحة، في محافظة تعز وغيرها من المناطق المطلة على السواحل الغربية والشرقية، وأصبح هناك تبادل أحاديث عن عودة مقاتلين من سوريا ووجود مستشارين عسكريين أتراك يدربون جماعات منهم.
وما حملة استعداء الإمارات التي تقودها الجزيرة وإعلام إخوان اليمن إلا جزء من العملية باعتبار الإمارات هي الراعي لتحرير السواحل اليمنية الشرقية والغربية من المليشيات الحوثية الانقلابية، ومن سيطرة المليشيات الإخوانية كذلك، وهذا أصبح أمر واضح.
ومع وجود عناصر إخوانية يمنية في تركيا وفي قطر ومقاتلين منهم في سوريا وفي ليبيا فمن المنطقي أن يكون هناك تدريب ومعسكرات وإعداد برعاية تركية ودعم لوجستي تركي استعدادا لدس أنفها في الشأن اليمني وحماية الإخون هناك، تماما كما هي الأطماع الإيرانية التي أحبطها التحالف من خلال المعركة الطويلة معها.
وبعد ست سنوات من الحرب ضد الأطماع الإيرانية في السواحل والأراضي اليمنية، يريد الإخوان التمهيد لوضع المناطق المحررة تحت سيطرة تركيا وقطر وتسخير اليمن للتبعية الإخوانية الإقليمية والعالمية، ووضع المنطقة من جديد بين كماشتي: المليشيات الإرهابية الشيعية الإيرانية، والمليشيات الإرهابية الإخوانية السلفية، بما يعرض الأمن الاستراتيجي القومي العربي للخطر، ويجعل المنطقة رهينة الإرهاب والأطماع الإقليمية والانقسام المذهبي الإخواني والشيعي، ويضع الجزيرة العربية والممرات وأمن البحر الأحمر والبحر العربي والخليج العربي من جديد في مربع الخطر.
وهذا سيعيدنا إلى مربع الصفر بعد أكثر من خمس سنوات من حرب استعادة الشرعية، وسيشكل عائقا أمام أية تسوية سياسية، وأمام السلام، واستعادة الدولة في اليمن، وسيتسبب في إطالة أمد الصراع وتحويل الحرب إلى حرب أصولية أيديولوجية وصراع إقليمي متعدد وسيشكل خطرا على أمن الخليج وأنظمة الخليج جميعها، وكذلك على أمن مصر ومصالحها الاستراتيجية في البحر الأحمر وفي البحر المتوسط.
الدستور 4 ـ برأيك هل يمكن خلال الفترة المقبلة احتواء الإخوان أو السيطرة عليهم ضمن ترتيبات سياسية معينة؟

الدكتور عبد الحفيظ :
هناك مشكلة كبيرة تتمثل في تغلغل الإخوان في مفاصل الشرعية على المستوى المدني والعسكري والوظيفي، ذلك أن الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي صار رهينة بأيدي الإخوان بعد تنكره لحزبه المؤتمر الشعبي العام، وتخليه عنه لصالح الإخوان وتمكينهم من أخونة الجيش ومؤسسات الدولة منذ بداية الفترة الانتقالية.
وتعززت سيطرتهم عليه بعد الانقلاب الحوثي وانفرادهم به، ومن ذلك تعيين نائب له خارج التوافق ونصوص المبادرة الخليجية، وهو الجنرال علي محسن قائد الانشقاق الإخواني في الجيش عام 2011، الامر الذي وضع سلطة الشرعية كلها تحت تحكم تنظيم الإخوان المسلمين عسكريا وإداريا واقتصاديا، وأوقعها في سلسلة من الفساد الكبير الذي عطل الأهداف الاستراتيجية من قيام التحالف وقيام الحرب.
كما حال التجمع اليمني للإصلاح بين الشرعية والاصطفاف الوطني لتعزيز معركة استعادة الشرعية وشكل حاجزا ومانعا لانخراط كثير من القوى الوطنية المدنية مثل المؤتمر الشعبي العام والأحزاب الأخرى الفاعلة، والحريصة على عودة الدولة المدنية الديمقراطية وعودة السلام والاستقرار في اليمن. وتمترست الشرعية وراء اصطفافات وهمية لا تتجاوز أولئك الأفراد القابعين في غرف الضيافة بفنادق الرياض، الأمر الذي أثر على انكماش الشرعية على نفسها لصالح الإخوان ورهن المعركة الوطنية كلها لأجندة الإخوان، وجرجر التحالف وراء قطارهم تحت ضرورات المعركة المصيرية ضد الانقلاب الحوثي والمشروع الإيراني المهدد لأمن المنطقة.
وقد أصبح خطاب التجمع اليمني للإصلاح ) تنظيم إخوان اليمن( صريحا وواضحا في استعداء واستهداف التحالف وبالذات الإمارات والسعودية، وقام بتوزيع الأدوار الإخوانية بين من يبقى في الرياض ومن يتمترس في قطر وتركيا وفي المناطق المحررة.
وصار من الصعب جدا اليوم على التحالف التخلص من تيار الإخوان المسلمين داخل الشرعية بعد أكثر من خمس سنوات من الإهمال وغياب المراجعة والتقييم للتحالفات وللمعركة، إلا إذا توفرت إرادة للتحالف في التقييم الموضوعي وإعادة النظر بجدية في تركيبة السلطة الشرعية التي تآكلت شرعيتها، وفي المنظومة العسكرية التابعة لها، وإلا فإن المعركة تمضي في صالح الحوثيين على الأرض.
وبينما يتسع إدراج تنظيم الإخوان المسلمين عبر العالم كمنظمة إرهابية إلا أن الشرعية ما تزال تحتفظ بهم على رأس قيادتها، والتاريخ الإرهابي لكل شخصية منهم معلوما ومعروفا وعلى أي أحد فقط العودة إلى ملفاتهم.
وأتصور أن شراكة وطنية حقيقية للقوى اليمنية في معركة استعادة الدولة الشرعية كفيلة بأن تحجم تحكم الإخوان في المشهد وخلطهم الأوراق، وأن ذلك كفيل بإعادة تقييم المعركة وتصويبها باتجاه مشروع وطني جامع ودولة مدنية ديمقراطية تضمن المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات والشراكة في الثروة والسلطة وفق سيادة الدستور والقانون.
الدستور 4 ـ هل هناك تعاون بين جماعة الحوثي والإخوان؟ وإن كان كذلك ما تأثيره على مستقبل التسوية في اليمن وإنهاء الحرب؟

الدكتور عبد الحفيظ :
بالرغم من الخصومة المذهبية والفكرية والتاريخية بين الإخوان والسلفية السنية الذين يطلقون على الحوثيين نعت الروافض، وبين الشيعة الحوثيين الذي يطلقون على الإخوان والسلفيين النواصب ـ أي من يناصبون الإمام علي بن أبي طالب وآل البيت العداء تاريخيا، وبالرغم من نعت الحوثيين للإخوان والجماعات السنية الإرهابية المتطرفة بالتكفيريين، ومقاتلتهم في بداية الأمر في أكثر من منطقة، إلا أن هناك تجارة رائجة ومصالح نمت بين الطرفين خلال سنوات الحرب الست، تمثلت في تجارة النفط والغاز من خلال تزويد مناطق سيطرة الحوثيين بالنفط والغاز تجاريا، وبلغت المبادلات التجارية بينهما مليارات الدولارات خلال سنوات الحرب الخمس، فضلا عن تجارة السلاح وتهريبه.
وللإخوان مصالح اقتصادية وشركات واستثمارات في مناطق سيطرة الحوثيين تسير بشكل طبيعي عدا بعض الاستثناءات مثل الحجر على مستشفى العلوم والتكنولوجيا الذي يمتلكه التنظيم، بينما لهم شركات اتصالات كبرى تعمل وبنوك ومصالح أخرى لم تمس.
وعلى المستوى العسكري منذ السنة الأولى للحرب وجبهة نهم التي كانت تحت قيادة الإخوان تراوح مكانها دون أي تقدم، وهي جبهة لا تبعد عن العاصمة إلا بضعة كيلو مترات وتقع العاصمة صنعاء على مرمى المدفعية منها، وبالرغم من وجود بؤرة مليشياتية كبيرة للإخوان في أرحب المتاخمة للعاصمة، إلا أن الجبهة ظلت متعثرة وعزي هذا إلى توافقات سرية بين الإخوان والحوثيين مقابل مصالح متبادلة.
وبعد أن انسحبت قطر من التحالف العربي ساهمت في التقريب بين الإخوان والحوثيين، وصارت قطر تشكل ظهيرا وحليفا مشتركا لهما، سواء من حيث التمويل المالي، أو من خلال آلتها الإعلامية التي تستهدف الشرعية، والتحالف، وساهمت مرجعية قطر في تضاؤل الخلافات والتباينات بين الإخوان والحوثيين وأصبحت اتجاهاتهم ومعاركهم هي استهداف الشرعية والمناطق المحررة.
وهناك مؤشرات كثيرة منها تبادل بعض الأسرى بين الجانبين، بل التواطؤ المشترك لتهريب مجرمين في قضايا منظورة أمام القضاء، من مرتكبي جريمة تفجير جامع الرئاسة في 2011 وعناصر من تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية، فضلا عن عمليات تهريب سلاح وتسليم معسكرات، وتبادل استخباراتي، ونحو ذلك.

تحقيقات

آخر الأخبار