اليقين
المقالات

الوطن وأصحاب المشاريع الصغيرة ..؟!

اليقين

نزار علي الخالد

المستشار الاعلامي للعاصمة الثقافية

المناطقيون والطائفيون والمذهبيون ، وأصحاب المشاريع الصغيرة قروية ، وعصبوية ، وحملة الأفكار الهدامة ، المدمرة للنسيج الاجتماعي ، فوق ما هو ممزق ، كل هؤلاء لا يمكن الرهان عليهم ، في بناء وطن ، أو تحقيق مجد وطني ، لان فاقد الشيء لا يعطيه ، وأمثال هؤلاء ، يفتقدون لكل المقومات التي من شأنها أن تحقق الاستقرار الوطني ، أو ترفع من المستوي الحياتي ، والاجتماعي للمواطن ، وحتى القيم ، والمفاهيم الحزبية ، وهي ظاهرة سيئة ، حين تمارس من قبل رموز ، وكوادر ، تستوعب معني العمل الحزبي ، الذي لا يمكن أن ينجح ، طالما والقائمين عليه يمارسون التعصب ، ولا يؤمنون بقيم التسامح والمحبة ، والوسطية و الاعتدال، وفق نهج فكرهم الحزبي و الياته التنظيمية، وقائدهم الشهيد الذي نهجه يشهد بابتعادة عن كل ما هو عصبوي او جهوي او طائفي او مناطقي ، ويدركون أن العمل الحزبي ، هو عمل مهمته التنافس ، وتقديم البدائل المثلى ، والأفضل لتحقيق طموحات الشعب وتطلعات الوطن ..


النخب اليمنية في غالبيتها اليوم ، سوى كانت مثقفة أو متعلمة ، للأسف لا تزل مشدودة لقيم وثقافة ( داحس والغبراء وتغريبة بني هلال ) .. ولا تزال المفاهيم الجاهلية بكل سلبياتها تطغى على سلوكياتها ، ومواقفها ، ولهذا فشلنا في اليمن ، من تحقيق أهداف الثورة اليمنية ، والانتصار لرغبات الشعب ، فشلنا لأن النزعات الطائفية والمناطقية والمذهبية والعصبية القبلية والحزبية ، تسيطر علي عقليات النخب ، التي شأت الاقدار أن تكون هي في واجهة العمل الوطني ، ولم نجد البديل المناسب، والذي لم يحقق هويته الوطنية بقدر ما حقق هوية أطرافه المتعددين الانتماءات والهويات ، وهناك أمثله كثيرة يمكن التوقف أمامها ، واستنتاجها من خلال التأمل في مشهدنا الوطني الراهن ، الذي تلخص تداعياته حقيقة ما أقول دون الحاجة لبذل جهود تذكر لتأكيد هذه الحقيقة ..


بيد إنه ومنذ العام 2011 م طفحت القيم والمفاهيم الطائفية والمناطقية والمذهبية ، بصورة أكثر بشاعة وقبحا وقذارة، مع أن هذه القيم العنصرية كانت موجودة داخل الصف الوطني والجمهوري ، منذ انبلاج فجر الثورة ولكنها كانت تمارس بطرق ملتوية ، ومغلفة بالكثير من المفاهيم الالتوائية عنوانها ( حسب القانون ) و( بموجب الدستور ) و( المصلحة الوطنية ) لكن مؤخرا طغت هذه القيم والمفاهيم وسيطرت على عقول الكل داخل الصف الجمهوري ، والترويكا الوحدوية ، والنخب الوجاهية ، فغدت هذه المشاريع الصغيرة ديدن الفعاليات النخبوية ، وتلقي بظلالها على العامة ، من البسطاء بحسب علاقتهم برموزهم المتعددة المسميات حزبية كانت أو وجاهية أو دينية أو مذهبية ، حتى يخيل للمراقب أن نظام الكهانة، ترك كل موروثاته في سلوكيات وعقول هذه النخب ، ولهذا لم نتمكن من الارتقاء بواقعنا الوطني ، ولا بتحولاتنا الى مستويات حضارية متقدمة لأننا لا نزل نعيش في كنف ثقافة الجهل والتخلف التي كرسته أنظمة الامامة المتعاقبة في واقعنا خلال عقود من الاستبداد والتخلف المتعدد المناحي الحضارية ..


لذا أقول صادقا أن من يزعمون انتمائهم للثورة والجمهورية والوحدة ، لا يمكنهم أن يحققوا انتصارا يذكر ، طالما في صفهم متنفذين من دعاة الطائفية والمناطقية والجهوية ، والذين يشكلون الوجه الاخر للكهانة والامامة والعنصرية القذرة ، ويتعاملون مع الواقع بطريقة تذكرنا بالمكونات ( الصهيونية ) ..


والمؤسف أنني حين قدمت للعاصمة المصرية القاهرة كنت أعتقد أن اجد فيها نخب وطنية واعية راقية مدركة لخطورة المرحلة التي يمر بها وطننا وشعبنا ، ومدركة لأهمية العمل برؤى وطنية جامعة ، وصادقة في سبيل الانتصار لخياراتنا الوطنية ، ولكن للأسف وجدت البعض هناء أسوا من أمراض الداخل الوطني ، واقذر ،وهؤلاء من كان يعول عليهم من في الداخل في إنقاذه ، مما هو فيه ووصل إليه من الانكسار والاركسة والانتكاسة الحضارية الشاملة ..


نعم فقد صدمني البعض ممن كان يفترض بهم أن يتعظوا من الاحداث ، واخطاء الماضي ، ويعيدوا خطابهم الى مساره الوطني الجامع ، وتغير بطانتهم ، لكن هذا لم يحدث لدى البعض الذين يمارسون التوصيفات والتصنيفات السلالية ، ويتبنون القيم المناطقية والطائفية ، وبطرق اسواء مما كان عليه ( هادي عيسى ) وأين يعملون في صفوف النخبة المحسوبة على المؤتمر و الثورة والجمهورية ؟


إذا كيف للداخل الوطني أن يثق بأمثال هؤلاء ، أو يراهن عليهم ، في تضميد جراحاتهم وجراح الوطن ؟!


كثيرة هي التساؤلات المتعلقة بنشاط هؤلاء ، وما إذا كانت الجمهورية سوف تنتصر بوجودهم ، وهذا ما نشك به قطعا لهذا على شرفاء الوطن ، واقول شرفاء الوطن ،أن يعيدوا حساباتهم وغربلة صفوفهم وتنقيتها من مرضى المشاريع الصغيرة ، والقاتلة لكل قيم الانتماء والهوية الوطنية ..

المقالات

آخر الأخبار