ما الأسباب الخفية وراء رفض أردوغان مبادرة السلام المصرية؟
اليقينباحث مصري في حقل الدراسات الإسلامية .>>>
في مصر مثل شعبي يقول "طلع من المولد بلا حمّص"، ومعناه أنّه خسر كلّ شيء، حتى أقل القليل، وهو الحمّص الذي يشتريه الجميع بسعر زهيد في أيام الموالد، كأحد طقوس الاحتفال، يكاد ينطبق هذا المثل على حالة أردوغان في ليبيا حتى الآن؛ فرغم سيطرة ميليشيات الوفاق الخاضعة له، وميليشياته الإرهابية التي نقلها إلى ليبيا، على طرابلس ومناطق الغرب الليبي، إلا أنّ ذلك لا يساوي حفنة الحمّص بالنسبة إلى أطماع أردوغان في ليبيا.
تشكيل قوى أمنية ليبية حديثة سيعني طرد الوجود العسكري التركي والميليشيات الإرهابية التي جلبها من تركيا وسوريا
فما يزال حلم السيطرة على ثروات النفط الليبية بعيد المنال، بفضل صمود أبطال الجيش الليبي في سرت والجفرة؛ بوابتي منطقة الهلال النفطي، ودحرهم لميليشيات أردوغان الإرهابية التي حاولت الاقتراب من المدينة، ما يعني أنّ حلم أردوغان بتعويض ما أنفقه على الصراع في ليبيا بالسيطرة على النفط بات في عداد المستحيلات.
فضلاً عن ذلك؛ يسابق أردوغان الزمن لنيل مكاسب أكبر على الأرض قبيل الرضوخ للضغوط الدولية للعودة إلى طاولة المفاوضات، والقبول بالمبادرة المصرية للسلام، لإدراكه أنّ تمخض حكومة وحدة وطنية عن المفاوضات، يشارك فيها الحريصون على مصالح ليبيا، بدلاً من هيمنة أتباعه من جماعة الإخوان المسلمين على طرابلس، هو بمثابة القضاء التام على ما حققه من مكاسب بفضل السيطرة على قرار حكومة الوفاق، وعلى رأس ذلك إلغاء اتفاقيتَيه الباطلتَين بخصوص ترسيم الحدود، والتعاون العسكري، وحصته الكبرى في مشروعات إعادة الإعمار، وفقدانه لموطئ قدم قريب من غاز شرق المتوسط، وإعادة الإرهابيين الذين جلبهم إلى المناطق التي يسيطر عليها في سوريا، وغير ذلك.
التربّح من الفوضى
يعمل أردوغان عبر وكلائه المحليين من الفروع التابعة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين على إشاعة الفوضى في البلاد العربية، تمهيداً للتدخل المباشر في هذه البلاد تباعاً، لنهب ثرواتها الطبيعية، والسيطرة على اقتصادها، ولتحقيق حلمه الكبير بإحياء التراث العثماني البغيض، وتنصيب نفسه سلطاناً على رقاب العرب والمسلمين.
تسبّب انقلاب الإخوان المسلمين على العملية السياسية في ليبيا، عام 2014، في جرّ البلاد إلى مستنقع الفوضى والاقتتال الداخلي، فوجد الأتراك موطئ قدم للتدخل لدعم أتباعهم الإخوان، بهدف تمكينهم من السيطرة على مفاصل الدولة الليبية ومقدرات شعبها، وتسخيرها في خدمة مشروعات أردوغان.
في حديثه لـ "حفريات"، يقول الكاتب والباحث المصري، عصام الزهيري إنّ "أطماع أردوغان في ليبيا أيديولوجية وانتهازية؛ الأولى تشمل ليبيا بالكامل أو الإرث العثماني الذي يظنّ أنّه ورثه، وحصار مصر، التي يراها أكبر عقبة في تحقيق أطماعه بإقامة إمبراطورية عثمانية جديدة على الأراضي التي شغلتها الدولة العثمانية قديماً، وانتهازية تتمثل في نيل حصة كبرى من النفط والغاز، ومشاريع إعادة التعمير".
حقق أردوغان جزءاً من أطماعه في ليبيا حتى الآن، وتتمثّل في توقيع اتفاقية ترسيم حدود باطلة، يتخذها ذريعةً لنهب ثروات الدول الأخرى في البحر المتوسط، وهو ما أشار إليه المحلل السياسي التركي، علي باكير الذي أكد أنّ نفوذاً قوياً لأنقرة في ليبيا يعزز موقعها في رهانات إقليمية أخرى، ويسمح لها ببسط نفوذها بشكل أكثر فاعلية خارج محيطها المباشر، بالنسبة إلى ملفات حيوية مثل تقاسم المناطق النفطية في شرق المتوسط والنزاع في سوريا والهجرة إلى أوروبا، وفق حديثه لموقع "يورو نيوز".