اليقين
بروفايل

فاروق شوشة.. عاشق العربية و حارس «لغتنا الجميلة»

فاروق شوشة
فاروق شوشة

كعادتها دائما دأبت مجلة العربي على تخليد ذكرى كبار الكتاب والأعلام الذين أسهموا بقدر كبير في إثراء حياتنا الثقافية والأدبية، ومن هذا المنطلق تم تخصيص ملف العدد الجديد أكتوبر/تشرين الأول 2017 من مجلة العربي للشاعر الكبير الراحل فاروق شوشة، أسهم فيه نخبة من أهم الكتاب والأقلام، تناول كل واحد منهم تجربة شوشة من منظوره الخاص، بما يكفي لإعطاء صورة متكاملة عن شاعر كان أحد حراس اللغة العربية، ومن أبرز المدافعين عنها بقوة عبر برنامجه الإذاعي الشهير "لغتنا الجميلة"، ومن خلال بابه الشهري في مجلة العربي "جمال العربية".

تمتع شوشة - كما قال هؤلاء-  بنبل الأخلاق وغزارة العلم والسمعة الطيبة بين الناس، وكان يرنو إلى انتشار الإعلام الثقافي الصحيح، والتصالح مع اللغة والتأمل في جمالياتها في زمن انعدم فيه الذوق.

وأشارت المجلة في بداية الملف إلى أن جوانب عدة مثلت تاريخا حافلا بالجهود الأدبية والشعرية والإعلامية في حياة الراحل فاروق شوشة الذي ترك لنا أعمالا جليلة من الشعر والبرامج الإذاعية والثقافية والأدبية على مدار سنوات عمره.

وأضافت المجلة - التي يرأس تحريرها د. عادل سالم العبد الجادر - أن الفقيد كان من الكتاب البارزين في مجلة العربي لسنوات عدة، حاضرا ملتقياتها وندواتها ومشاركا في فعالياتها، لذلك حرصت "العربي" على إعداد ملف خاص تكريما ووفاء منها للشاعر والإذاعي الراحل فاروق شوشة بمناسبة الذكرى الأولى لوفاته، لتكشف فيه عن الجوانب الإنسانية والثقافية والأدبية في حياة فقيد الأدب والشعر واللغة والإذاعة الراحل.

ويكتب الشاعر الكويتي عبدالعزيز سعود البابطين عن فاروق شوشة رجل الشعر والحكمة وعمق المعرفة، وقال: تتسع الرؤية حين تكون الكتابة عن شاعر ولغوي بحجم فاروق شوشة، ويحار القلم من أي باب يدخل إلى عالم هذا الشاعر الذي أسس منهجا شعريا جذوره ممتدة نحو الماضي، وفروع أغصانه باسقة في العصر الجديد.

ويوضح البابطين أن علاقته بفاروق شوشة ذات شقين؛ الأول هي علاقة شخصية أدبية نجمت عن إعجابه بأشعاره وبرامجه التلفزيونية عن اللغة العربية والشعر، والثانية هي علاقة مؤسساتية فقد كسبته مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية لدورات عدة عضوا في مجلس الأمناء، حيث مضى على وجوده في مجلس الأمناء حوالي عشرين عاما، لذلك فهو أقدم عضو مجلس أمناء استمر في دورات متتالية.

ويؤكد البابطين أن شوشة إلى جانب حكمته وسداد رأيه، فقد أثرى مسيرة المؤسسة بعديد من الأفكار والرؤى التي كان لها الأثر الإيجابي في دورات المؤسسة.

ويختم البابطين كلمته عن الراحل الكبير بقوله: "الشاعر فاروق شوشة من الناس الذين يرحلون جسدا، لكن أرواحهم باقية في وجداننا وفي الكتب وفي دفاتر المعجبين".

أما الشاعر أحمد فضل شبلول فيقول في شهادته عن الراحل فاروق شوشة: لم يكن فاروق شوشة شاعرا كبيرا فحسب، ولم يكن مجرد إعلامي كبير فقط، ولكنه نجح في الجمع بين الاثنين (الشعر والإعلام) ليحقق بذلك ذيوعا وانتشارا لم يحققهما شاعر إعلامي آخر من قبل، فدخل كل البيوت العربية من باب البرنامج العام بإذاعة القاهرة عن طريق برنامجه اليومي الشهير "لغتنا الجميلة" الذي قدمه على مدى خمسين عاما متواصلة منذ عام 1967 وحتى رحيله في 14 أكتوبر 2016، وعن طريق برنامجه التلفزيوني الثقافي الناجح "أمسية ثقافية" بالقناة الثانية المصرية على مدى سنوات متعاقبة.

ويتذكر شبلول حوارا أجراه مع صاحب "هيت لك" لصفحة "أدب وثقافة" بجريدة "الجزيرة" السعودية كان من أوائل الحوارات التي أجراها في حياته الصحفية ونشر عام 1985.

ويرى شبلول ان فاروق شوشة "لم يكن طاووسا في يوم من الأيام، وبخاصة في أمسياته وندواته الشعرية التي يشارك فيها معنا، فكان يحتضن الجميع ويبتسم في وجه الجميع ويحنو على الجميع صغارا وكبارا"، ويوضح أن كتابه "في صحبة فاروق شوشة" الذي صدر بعد وفاته، كان ثمرة صداقة ومحبة عميقة امتدت لأكثر من 35 عاما.

ويكتب نجيب العوفي من المغرب تحت عنوان "عاشق العربية" قائلا: جاء فاروق شوشة إلى الأدب وروضه اليانع، جاء من الشعر، والشعر سيد الكلام. وقد أبدع فاروق في مجال الشعر، وأنتج فيه ما يناهز ثلاث عشرة مجموعة شعرية، تنضج بماء الشعر وروائه حسب العبارة النقدية العربية المأثورة، وتنساب نصوصها جداول شعرية رقراقة، وهي الصفة التي أراها قريبة من أسلوبه الشعري.

ويشير العوفي إلى أن فاروق شوشة في أخريات حياته وإزاء تردي الأوضاع العربية وانحراف بعض المثقفين عن سواء السبيل، وهم نخبة الأمة ولسانها ووجدانها، انتقد بحدة فئة المثقفين الوصوليين والمهرولين، وثارت ثائرته عليهم، من خلال قصيدته "خدم .. خدم" التي ألقاها غضبة مضرية في مهرجان الشارقة.

أما آخر حوار أجري مع فاروق شوشة فقد اجراه الكاتب الصحفي مصطفى عبدالله، وفيه يشير إلى زملاته لفاروق شوشة في عدة لجان استشارية في مكتبة الإسكندرية والمجلس الأعلى للثقافة وغيرها. ويؤكد أن فاروق شوشة كان صاحب القول الفصل في أي مناقشة، لما يتمتع به من ثقافة عصرية وتراثية عميقة وما يتميز به من لباقة ومنطقية في الطرح.

ومن النقاط التي دار حولها حوار عبدالله مع شوشة جهود مجمع اللغة العربية بالقاهرة مع الطفل، ويوضح شوشة أن المجمع يعكف على إعداد معجم للطفل يضم المفردات الأساسية التي يجب أن يتعلمها في بداية لقائه مع لغته العربية. ويوضح شوشة في الحوار أنه أنجز سبعة كتب للأطفال آخرها كتاب "حمزة" لأصغر أحفاده.

ويؤكد صاحب "الدائرة المحكمة" في حواره أن كل ما قدمه في الإذاعة والتلفزيون ومجمع اللغة العربية والتدريس الجامعي كان يصب في مصلحة الشعر. ويسرد الكثير من الذكريات في هذه الحوار المهم الذي استطاع مصطفى عبدالله أن ينتزعها من شوشة قبيل رحيله.

وفي باب "من المكتبة العربية" يعرض ضياء حامد لكتاب "في صحبة فاروق شوشة" الذي أصدره أحمد فضل شبلول بعد رحيل شوشة، وفيه يؤكد صاحب "أحلى عشرين قصيدة حب في الشعر العربي" أنه لا قصيدة واحدة ولا عشرات القصائد تصنع أميرا للشعراء هذا اللقب ارتبط بظرف تاريخي معين ولم يعد قابلا للتكرار.

بروفايل