إنترنت الأشياء IoT.. اختزال تفاصيل الحياة في كبسة زر


إنترنت الأشياء IoT ، حول الخيال إلى حقيقة على أرض الواقع، واختزل تفاصيل حياتنا اليومية بكبسة زر فقط، لكن كيف يحدث هذا؟
منذ بداية يومك تستيقظ صباحاً على جهاز الاستيقاظ الذي قام بمتابعة مراحل نومك طوال الليل، وتجد كوب القهوة مضافاً إليه الكمية المناسبة من السكر بجانبك قد جهزته ماكينة القهوة، وعندما تذهب للحمام للاستحمام تجد الماء خرج من الصنبور بمستوى حرارة تناسب جسمك، وخزانة الملابس هي الأخرى قامت بتجهيز ملابس اليوم التي ستكون مناسبة لك.
تتهيأ للخروج من المنزل ولست بحاجة لوقت تبحث فيه عن مفاتيح السيارة؛ فالسيارة هي الأخرى منتظرة ركوبك ومستعدة لنقلك لحيث وجهتك، قد تكون تأخرت قليلاً عن موعد الاجتماع وتحتاج لتخبر موظفيك بتأخير الاجتماع؛ فموبايلك هو الآخر أيضاً قد قام بإرسال رسائل نصية للمعنيين تخبرهم بذلك.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن ما هي تقنية إنترنت الأشياء IoT؟ هي التقنية القادمة من الجيل الجديد للإنترنت، وتهدف هذه التقنية إلى ربط جميع الأشياء من حولنا بالإنترنت والاستفادة منها في مختلف مجالات الحياة: كالمنازل والمكاتب والبنية التحتية، والمدن، والصحة، والصناعة، والزراعة، وغيرها، وأول مَن أطلق عليها هذا الاسم هو كيفن آشتون في عام 1999، ويعتبر المخترع الأول لهذه التقنية.
وتعتبر أميركا الدولة الأولى عالمياً في الاستثمار في مجال إنترنت الأشياء تليها كوريا الجنوبية واليابان؛ حيث تعتبر جوجل، وسيسكو، و مايكروسوفت، وإنتل، وإتش بي، وآي بي إم (وجميعها شركات أميركية) من أبرز الشركات المستثمرة في مجال تقنية إنترنت الأشياء؛ حيث خصصت هذه الشركات مئات الملايين من الدولارات في الاستثمار.
سلاح ذو حدين
أي تكنولوجية حديثة لها إيجابيات وسلبيات، وتقنية "إنترنت الأشياء" أيضا سلاح ذو حدين، فقد أكدت لجنة التجارة الاتحادية الأميركية "إف تي سي" في تقرير لها أن الانتشار المتوقع لتقنية "إنترنت الأشياء" سيجلب معه مشاكل مختلفة على غرار تسخير هذه التقنية في مراقبة المستخدمين وانتهاك خصوصيتهم، أو اختراقها بشكل يسبب الإضرار بمستخدميها، إضافة إلى فتحها أبوابا كثيرة لمساعدة الحكومات في التجسس على مستخدمي التقنيات الحديثة.
ومن المخاطر المحتملة المصاحبة لانتشار إنترنت الأشياء -والتي تعرض لها تقرير اللجنة- إمكانية استغلال بيانات الموقع الخاصة بسيارة المستخدم، والبيانات التابعة لأنظمة تتبع اللياقة أو الثلاجة الذكية وغير ذلك من الأشياء لتحليلها من قبل الشركة التي يعمل بها المستخدم أو شركة التأمين المتعاقد معها.
أما فيما يتعلق بمنافع وإيجابيات "إنترنت الأشياء" فهي تكمن في تحكم الإنسان بشكل فعاّل وسهل بالأشياء عن قرب وعن بُعد، فيستطيع المستخدم مثلاً تشغيل محرّك سيارته والتحكم فيها من جهازه الحاسوبي، كما يستطيع المرء التحكم في واجبات الغسيل بجهاز الغسالة خاصته، كما يستطيع التعرّف على محتويات الثلاجة عن بُعد من خلال استخدام الاتصال عبر الإنترنت.
ومع ذلك فهذه أمثلة على الشكل البدائي لإنترنت الأشياء، أما الشكل الأنضج فهو قيام "الأشياء" المختلفة بالتفاهم مع بعضها باستخدام بروتوكول الإنترنت . فمثلاً يمكن للثلاجة التراسل مع مركز التسوق وشراء المستلزمات وتوصيلها بلا تدخل بشري.
كما يستطيع حاسوب متخصص في ورشة صيانة سيارات من التفاهم (التراسل) عن بُعد مع سيارة لكشف خطأ فيها دون ما حاجة للسيارة لزيارة الورشة أو أن تتعرف السيارة على حواف وأرصفة وإشارات الطرق واتخاذ قرارات بالسير أو الاصطفاف من دون تدخل السائق. كما يمكن لمرذاذ ماء أن ينطلق بناءً على أمر من حساس الرطوبة والحرارة في محطة الرصد الجوّي. ويُترك للقارئ تخيّل أمثلة كثيرة لإنترنت الأشياء التي بدأت تصبح واقعاً فعلياً في حياتنا اليومية.
مستقبل "إنترنت الأشياء"؟
يقدر حجم الإنفاق على خدمات إنترنت الأشياء بما يفوق الـ 235 مليار دولار، واستثمرت شركات كبرى مثل جوجل وفيسبوك وتسلا مبالغ ضخمة في مشاريع تستخدم إنترنت الأشياء بشكل أساسي لتقدم خدماتها بشكل أفضل للمستهلكين.
على سبيل المثال تعمل شركة جوجل بشكل مكثف لإصدار نسختها الخاصة من سيارات جوجل ذاتية القيادة، التي تجوب الشوارع بلا قائد كمرحلة تجريبية لالتقاط صور بتقنية الـ360 درجة لإدراجها ضمن تطبيقها "Google maps"، وهو ما سيفيد في تطوير النسخة الأحدث google maps VR، التي تسمح لك بالتجول في أي مكان على الكرة الأرضية بشكل افتراضي ثلاثي الأبعاد، تنافس هذه السيارة سيارة تسلا ذاتية القيادة. بينما طورت إدارة فيسبوك نسختها الخاصة من تطبيقات الواقع الافتراضي.
قامت شركة "أوبر"، وهي خدمة لسيارات الأجرة، بشكل أساسي على تطبيقات إنترنت الأشياء، وفي عام 2015 صارت أوبر أكبر شركة ليموزين دون أن تمتلك سيارات، فهاتفك اللوحي الذكي المتصل بالإنترنت والمحتوي على تطبيق أوبر يتواصل مع هاتف آخر يحمله السائق، يحصل العميل على الخدمة، فيدفع مقابلها للسائق، وتجني أوبر عمولتها، ويرسخ "إنترنت الأشياء" أقدامه أكثر في عالم المال.
تتطلب الخدمات السابقة توفير منصات تخزين وتحليل بيانات متصلة بالإنترنت، وهو ما يعرف بأنظمة التخزين السحابي Cloud Storage، الذي يعتبر في حد ذاته قرصاً صلباً خضع للتطوير بنظام الـIOT.
كما تهدف إلى جعل الحياة من حولنا أكثر ذكاء وكفاءة وأيسر عملاً وأكثر إتقاناً، وذلك عن طريق ربط جميع الأشياء بالإنترنت واتصالها ببعضها وتوفير المستشعرات والحساسات التي تقوم بجمع البيانات والمعلومات من شتى مجالات الحياة والاستفادة منها، ومن الأمثلة والتطبيقات التي ستوفرها تقنية إنترنت الأشياء IoT لنا في المستقبل كما في تدوينة صدام الريه كالتالي:
أولا: البنية التحتية الذكية Smart Infrastructure، تهتم تقنية إنترنت الأشياء بتطوير البنية التحتية وتحويلها إلى بنية تحتية ذكية يتصل كل شيء فيها بالإنترنت.
ثانيا: المدن الذكية Smart Cities، ستغطي المستشعرات والحساسات جميع جوانب المدن وتصبح جميع الأشياء فيها متصلة ببعضها ومتصلة بالإنترنت، كشبكة الصرف الصحي وشبكة الإنارة وإشارات المرور وشبكة الطرقات والكباري والأنفاق وغيرها، والتي ستزيد من كفاءتها وعملها وتقل فيها استهلاك الطاقة وتخفيف الازدحام المروري وتزيد الأمنية والمراقبة.
ثالثا: البيوت الذكية Smart Home، ستصبح كل الآلات والأجهزة بالمنازل متصلة ببعضها وبالإنترنت، وتصبح المنازل مغطاة بالمستشعرات والحساسات التي توفر المعلومات اللازمة، كدرجة الحرارة ومستوى الإضاءة وغيرها.
وستتبادل هذه الآلات مع المستشعرات والأجهزة الأخرى المعلومات والبيانات اللازمة لأداء وظائفها وعملها بشكل آلي دون الحاجة لتدخل الإنسان في ضبطها وتوجيهها، فجهاز التكييف سيعمل بشكل آلي وبمستوى الحرارة اللازمة والمتناسبة مع الجو المحيط.
كما ستضيء المصابيح وتنطفئ بشكل أوتوماتيكي في حال الحاجة لها وبمستوى الإضاءة المطلوبة، وستمكن تكنولوجيا إنترنت الأشياء الإنسان القدرة على مراقبة المنزل والتحكم فيه عن بُعد ومن أي مكان.
رابعا: الرعاية الصحية Health Care، تهدف تقنية إنترنت الأشياء لتحسين الحياة في الجانب الصحي، وذلك عن طريق زراعة مستشعرات إلكترونية في جسم الإنسان من أجل مراقبة أداء أجهزة الجسم ووظائفها الحيوية، واكتشاف الأمراض مبكراً وإخطار الإنسان بمستوى الحالة الصحية لديه.
ويمكن للطبيب مستقبلاً تحليل البيانات التي تم جمعها عن طريق المستشعرات الإلكترونية المزروعة في جسم المريض دون الحاجة لإجراء فحوصات فيزيائية أو حيوية.
خامساً: الصناعة الذكية Smart Industry، سيستفيد قطاع الصناعات بشكل كبير جداً من تكنولوجيا إنترنت الأشياء؛ حيث سيتم ربط الآلات والماكينات ببعضها وإتاحة التواصل وتبادل المعلومات والبيانات فيما بينها بشكل آلي والتي بدورها ستزيد من كفاءتها وإنتاجيتها بشكل كبير جداً.
سادساً: الزراعة الذكية Smart Farming، كما أسميه إنترنت الأشياء، فالزراعة ستكون أحد المجالات التي سيكون لإنترنت الأشياء دور بارز في تطويرها وتحسين المحصول الزراعي، وذلك عن طريق زراعة المستشعرات في الأرض الزراعية وقرب جذور الثمار والأشجار.
وستعمل هذه المستشعرات على مراقبة ومتابعة مدى حاجة النبات للماء وتوفير الري الذكي الذي يعمل على ترشيد الماء والحفاظ عليها، كما ستوفر المستشعرات أيضاً معلومات عن التربة وخصوبتها والمعادن والمكملات الغذائية ومدى حاجة النبات لها.
ليست هذه جميع القطاعات والمجالات التي ستدخلها تكنولوجيا إنترنت الأشياء فحسب، فهذه التكنولوجيا تهدف للوصول إلى جميع مجالات ونواحي الحياة بشتى تفاصيلها، والعمل على تحقيق اتصال "أي شيء بأي شيء في أي وقت وفي أي مكان".
وبحسب دراسة لشركة سيسكو Cisco IBSG، فإنه من المتوقع أن يصل عدد الأجهزة والأشياء المرتبطة بالإنترنت في عام 2020 إلى أكثر من ٥٠ مليار جهاز، ما يعني 6.58 أضعاف سكان الأرض الذي من المحتمل أن يصل إلى 7.6 نسمة في العام ذاته.
بعد ما تم ذكره أعلاه، أصبح ما يدور بخيالنا واقع ملموس نعيشه بكل تفاصيله الصغيرة قبل الكبيرة وكأننا داخل فيلم خيال علمي، فلا نعلم ما تخفيه لنا التكنولوجيا الحديثة في الأيام القادمة..