البصرة.. «لؤلؤة العراق» التي تقاوم الحرب والدمار
إلهام محمد علي اليقينفي أقصى جنوب العراق على الضفة الغربية لشط العرب تقع " أم الخير"، "فينسيا الشرق" مدينة البصرة العاصمة الاقتصادية للعراق، التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.5 مليون نسمة حسب تقديرات عام 2014.
ما بين الماضي والحاضر تثبت "لؤلؤة العراق" إنها وجه سياحية فريدة من نوعها، وقبلة للزائرين من شتى بقاع الأرض، لذلك يسعى البصريون اليوم لاستعادة مدينتهم لميزاتها السياحية السابقة خصوصا وهي تتوفر على طبيعة سياحية ساحرة.
جزيرة "السندباد" و"السراجي" و"بساتين أبي الخصيب" و"الفاو" و"البرجسية" ومدينة الألعاب بالمعقل، جميعها أماكن سياحية داخل " البندقية العراقية" توفر وسائل راحة ونزهة للسائحين، بالإضافة إلى المشاهد الأثرية والتاريخية الكثيرة الموجودة فيها.
سميت بالبصرة نسبةً إلى الموضع الذي بنيت فيه ويتكون من حجارة رخوة بيضاء اللون، وقيل إنها سميت بصرة لأنها كانت تقع على مرتفع من الأرض حتى كان من يقف في ذلك الموقع يستطيع أن يرى ما حوله، حسبما ذكر بعض المؤرخين.
يوجد في ضواحي البصرة ونواحيها الكثير من الجوامع والمساجد بينما يحتوي مركز البصرة على الكثير من المساجد التاريخية والأضرحة ومنها: (جامع المقام، جامع البصرة الكبير، مسجد ابن عيد، مسجد البصرة القديم، جامع الكواز، جامع القبلة، حسينية الحاج داوود العاشور).
كما أشار مقال البصرة الفيحاء: المدينة الحالمة المنشور على صفحات " نون بوست" ، إلى أن البصرة وريثة الحضارات، فقد تعاقبت عليها منذ أقدم العصور العديد من الحضارات بدءًا بالحضارة السومريّة (ت. 4،250-960،1 ق.م.)، والّتي جاءت من بعدها الحضارة البابليّة القديمة (ت. 960،1-600،1 ق.م.)، ثمّ الحضارة القسّيّة - الآشوريّة (ت. 600،1-200،1 ق.م.)، ومن بعدها الحضارة الآشوريّة - البابليّة الوسطى (ت. 200،1-700 ق.م.)، وانتهاءً بالفترة البابليّة - الكلدانيّة الجديدة (ت. 700-538 ق.م.)
لم يقف العراقيون متفرجون أمام حضاراتهم القديمة العرقية بل يسعون إلى بناء وتشيد كل ما يخلد في ذاكرة الأجيال القادمة، فناك "برج إيفل البصري" وهو يمثل صورة مصغرة للبرج الشهير الذي أنشئ بالعاصمة الفرنسية باريس عام 1889 من قبل غوستاف إيفل ومعاونيه بمناسبة معرض دولي أقيم آنذاك.
أما " برج إيفل البصري"، فقد شيد داخل مدينة ألعاب جديدة بمساحة 27 ألف متر مربع وبكلفة إجمالية تقدر بأربعة ملايين و237 ألف دولار، تضم منصة لإطلاق الألعاب النارية ومجموعة من ألعاب الأطفال الإلكترونية فضلا عن صالة للعروض المسرحية وحديقة للحيوانات ومسبح مغلق ومطعم سياحي.
وجه الخراب
ما ذكر أعلاه هو الوجه المضيء للبصرة الحالمة، أما الوجه المظلم يتمثل في أشباح تصر على تدمير البصرة و طبيعتها الساحرة الذي منحها الله لها، وهي المليشيات والعصابات الذين يفرضون تسلطهم على المدينة ويعملون على تدميرها كما ذكر الكاتب نظير الكندوري في مقاله البصرة وقمة جبل الجليد.
والأمر المؤسف الذي ألقى الكاتب الضوء عليه هو تقاسم الأحزاب وميليشياتها أرصفة المواني، فكل ميليشيا أو حزب يبني محلات عائدة له على أرصفة المواني العراقية، لكي يتاجر من خلالها لحسابه الخاص، دون تدخل من الحكومة، وطال النهب النفط الخام العراقي وتهريبه عبر تلك الأرصفة لدول الجوار أو بيعه لمن يشتري بالمياه الإقليمية، ناهيك عن استخدام تلك الأرصفة لتصدير المخدرات التي تتدفق بكميات هائلة من إيران.
إذا تتبعنا خريطة توزيع الحقول النفطية على المحافظات العراقية، وكميات إنتاجها، نجد أن محافظة البصرة جنوبي العراق تمتلك أكبر ثروة نفطية فيه.
وعلى الرغم مما أصاب البصرة من خراب ودمار وسوء إدارة وإهمال طيلة العقود الأربعة الماضية إلا أنها ما زالت تحمل صفة أرض السواد التي تكتنز بطون أراضيها أغنى الثروات الهيدروكربونية والمعدنية، وربما الأعلى في المعمورة، ذلك أنها تحتضن 15 حقلاً، منها 10 منتجة، و5 ما زالت تنتظر التطوير والإنتاج.
تضم البصرة أكبر الحقول النفطية وتنتج وفقاً للإحصائيات الرسمية نحو 80% من النفط العراقي المصدر إلى الخارج، كل هذا يجعلها من أغنى دول العراق، ومن الممكن أن تكون أرض خصبة لجذب الاستثمارات الخارجية والداخلية والمشروعات السياحية العملاقة، لكن بشرط أن يفارقها شبح الخراب والدمار.
وقال المهندس المعماري فاضل محمود لـصحيفة "العرب" اللندنية أن "استعادة البصرة لدورها السياحي يكمن في تخطيط عمراني شامل يضع باعتباره توسع المدينة وبلوغ ساكنيها حدود المليونين من البشر، كما يشير تقرير حكومي صادر العام 2015 عن وزارة التخطيط العراقية".
البصرة ستظل رغم الظروف القاسية التي تمر بها " أم الخير" ووجهة سياحية مميزة لم تقدر المليشيات ولا غيرها على سلب أو تدمير معالمها السياحية وطبيعتها المميزة التي تأثر من يتنفس هواؤها ويمشي على أرضها.