الإمارات والسودان.. وطنٌ يُعطي وجيشٌ يجحد


اليقين - خاص
محمد يحيى الفقيه
في العلاقات الدولية، كثيرًا ما تُبنى التحالفات على المصالح، وتتغيّر بتغيّر الظروف. لكن هناك دولًا تصنع الفارق، وتُرسّخ مبادئ الأخوّة والدعم الإنساني فوق الحسابات الضيّقة. ومن بين هذه الدول، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لم تتخلّف يومًا عن نصرة السودان، لا في السلم ولا في الشدائد. غير أن المؤلم اليوم، أن ترى من تنكّر لكل تلك المواقف، وارتدى عباءة الجحود بتوقيع إخواني مفضوح، جعل من بعض قيادات الجيش السوداني أداة لتصفية الحسابات ضد من نصرهم في وقت الشدة.
منذ عقود، والإمارات تمد يدها البيضاء إلى السودان. فكانت في مقدمة الدول التي فتحت أبوابها أمام مئات الآلاف من السودانيين للعمل والإقامة، ووفّرت لهم فرصًا للعيش الكريم. وساهم السودانيون في نهضة الإمارات، فكان الوفاء من القيادة الإماراتية واضحًا في كل مرحلة، عبر الدعم التنموي والاقتصادي والصحي والتعليمي، وفي وقوفها الثابت مع السودان في المحافل الدولية.
عندما سقط نظام عمر البشير، وسادت حالة من الفوضى السياسية، كانت الإمارات في الصفوف الأولى لدعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في السودان. قدمت، إلى جانب المملكة العربية السعودية، حزمة دعم بلغت 3 مليارات دولار، منها 500 مليون دولار وديعة في البنك المركزي السوداني، لتثبيت سعر الصرف ومنع انهيار الجنيه، إضافة إلى مساعدات عينية من القمح والدواء والمشتقات النفطية.
مع اندلاع الحرب الأخيرة بين الجيش والدعم السريع، سارعت الإمارات لتسيير عشرات طائرات الإغاثة إلى السودان والدول المجاورة التي استقبلت اللاجئين السودانيين، وقدّمت آلاف الأطنان من المواد الغذائية والطبية، وأقامت مستشفيات ميدانية في المناطق المتأثرة. وفي ظل صمت بعض الدول أو تسييس البعض الآخر للمأساة السودانية، وقفت الإمارات على الحياد الإيجابي، داعية إلى وقف القتال وحقن الدماء، مؤكدة دعمها لوحدة السودان واستقراره.
لكن المدهش، أنه بدلًا من أن تُقابل هذه الجهود بالتقدير، انطلقت حملات تحريض من بعض الأجنحة داخل الجيش السوداني، التي تسيطر عليها العقليات الإخوانية، لتهاجم الإمارات وتشيطن مواقفها، في محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن فشلهم العسكري والانقسام الداخلي الذي تعاني منه المؤسسة العسكرية.
إن الإخوان المسلمين، الذين لفظهم الشعب السوداني، يسعون جاهدين للعودة إلى المشهد من بوابة بعض الجنرالات الذين يحملون فكر التمكين ويعتبرون الجيش أداة لخدمة أجنداتهم، وليس مؤسسة وطنية يفترض بها أن تحفظ وحدة البلاد ومصالحها العليا. ومن المؤسف أن يقع بعض هؤلاء ضحية تحريض دول إقليمية تكنّ العداء للإمارات، وتحمل مشاريع تخريبية في المنطقة.
إن دولة الإمارات لا تحتاج إلى شهادة من أحد. مواقفها على الأرض، وتاريخها من العطاء في السودان، لا يمكن محوه ببيان عسكري مشحون بالكذب، أو منشورات مدفوعة على وسائل التواصل الاجتماعي. الإمارات لم تحاصر السودان، بل دعمت اقتصاده. لم تُسلّح المليشيات، بل ناشدت بوقف إطلاق النار. لم تتاجر بأوجاع الشعب، بل أغاثته وسعت لتخفيف آلامه.
سيظل ما قدمته الإمارات للسودان شاهدًا على روح الأخوة العربية الحقيقية، رغم حملات الجحود والتشويه. وسيعرف الشعب السوداني، عاجلًا أو آجلًا، من الذي وقف معه في أوقات المحنة، ومن تاجر به، وراكم فوق أوجاعه مشاريع التمكين والانقلاب.
والتاريخ لا ينسى.
هل ترغب بإضافة توقيع باسمك في نهاية المقال؟