تحقيقات

صحفية أمريكية ”قناة الجزيرة بمثابة حليب الأم للجماعات الإسلامية المتطرفة”

اليقين

اليقين ... شؤون دولية

“أصبحت قناة الجزيرة أداة رئيسة في يد المجموعات الإسلامية المتطرفة، على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، إذ تُستخدم لمهاجمة منافسي التنظيمات المتطرفة عبر صياغة محتويات إعلامية موجهة، بعيدًا عن العمل الصحفي الحر”، هذا ما ذكرته الخبيرة الأمريكية آيدلي نازريان، في مقالتها المنشورة في 19 شباط/فبراير، في مجلة “ديلي كولر” الأمريكية.

تحدث الباحث الأمريكي البارز دانييل بايبس مؤخرًا حول دور شبكة الجزيرة القطرية في دعم المجموعات المتطرفة والتنظيمات الإسلامية الجهادية في أنحاء الشرق الأوسط المختلفة، خلال مؤتمر عقد في واشنطن في 6 شباط/فبراير، حول “أدوات قطر الخبيثة”.

وقال بايبس إن “الجهاد العنيف يتصدر عناوين الصحف، لكن الجهاد الخفي هو من يحصد النتائج”، مشيرًا بذلك إلى “المكاسب” التي تحققها الدوحة من وراء دعم الإسلام المتشدد عبر منبر الجزيرة الممول من الحكومة القطرية.

ويعتقد بايبس أن الجزيرة أصبحت أداة رئيسة بيد الجماعات الإسلامية المتشددة، مثل جماعة الإخوان المسلمين، تقدم عبرها روايات تؤدي إلى تضليل المشاهدين من البلدان المختلفة.

واتفق معه في الرأي رئيس شبكة البث للشرق الأوسط، ألبيرتو فيرنانديز، إذ قال إن “قناة الجزيرة عممت وطبّعت رواية تظلم إسلاموية زائفة على مدار جيل كامل، وأصبحت بمثابة حليب الأم لأنواع التنظيمات الإسلامية المختلفة”.

لقد أدرك الأمريكيون خطورة قناة الجزيرة في توفير صوت سهل للإسلاميين المتطرفين، ما دفع الكثيرين إلى التحذير منها بشكل متزايد.

في مارس/آذار 2018، وقّع 19 عضوًا في الكونغرس من كلا الحزبين على خطاب يحث وزارة العدل الأمريكية على تطبيق قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا) فيما يتعلق بقناة الجزيرة.

وقد استند موقف صناع القرار الأمريكيين إلى دراسات متعددة تشير إلى أن محتوى قناة الجزيرة غالبًا ما يخدم خطابات المجموعات الإسلامية المتعصبة.

وبالفعل، يمكن للمشاهد أن يلاحظ كيف يقدم محتوى الجزيرة خطاب كراهية ضد منافسي جماعة الإخوان المسلمين، على سبيل المثال لا الحصر، فضلًا عن استضافة شخصيات معروفة بمواقفها التحريضية.

لم تنحصر التحذيرات من قناة الجزيرة على الأمريكيين أو الغربيين فحسب، بل من العرب أنفسهم أيضًا؛ فعلى سبيل المثال، حذر مدير مكتب قناة الجزيرة السابق في القاهرة، محمد فهمي، من أساليب الجزيرة المخادعة فيما يتعلق بصياغة محتوياتها وأخبارها بطريقة موجهة تخدم الإسلامويين بشكل حصري.

وقد تحدث فهمي مطولًا حول “اكتشافه لتطرف الجزيرة واستغلالها لشباب مصريين غير صحفيين في عملية جمع الأخبار”.

تكشف هذه الشهادة من موظف كبير سابق في الجزيرة الكثير حول توجهات الدوحة الراعية لهذه القناة الفضائية.

وبحسب شهادته، أجرت الجزيرة اتصالات بعدد كبير من طلاب ومواطنين متعاطفين مع الإخوان المسلمين، ومنحت كلًا منهم مبالغ مالية تراوحت ما بين 200 و300 دولار أمريكي، مقابل قيامهم بتصوير مشاهد موجهة لصالح الشبكة القطرية.

ويؤكد فهمي أن هذه الممارسات من الجزيرة جرت من وراء الكواليس، ودون علمه الشخصي، برغم منصبه كمدير لمكتب الجزيرة الناطقة بالإنجليزية.

هذه الاعترافات من المتعاونين المصريين مع الجزيرة وضعته في السجن قبل أن يجري إطلاق سراحه فيما بعد.

وبحسب فهمي: “في كثير من الأحيان، يحكم المشاهدون على الجزيرة بما يروه على شاشتها، لكن عملية جمع الأخبار القائمة على التوجيه والتزييف هي ما أغضب المسؤولين الأمنيين، الذين أدركوا عدم مهنية القناة القطرية بعد سماعهم لتلك الاعترافات”.

في الحقيقة، لم يعد الأمر يتعلق بحرية الصحافة بقدر خطورة مساهمة الجزيرة في قتل شباب ممن تسممت عقولهم بأفكار كراهية وتحريضية، زرعتها الجزيرة في رؤوسهم عبر جيل كامل.

تعتقد الخبيرة الأمريكية سمانثا ماندليس أن “قناة الجزيرة تستخدم منبرها لمهاجمة المناهضين لسياسات الدوحة، دون نقل الأخبار بشفافية، بينما تستخدم منصتها الرقمية (AJ+) لمنح نفسها مظهرًا من الليبرالية عبر تسميتها “صوت من لا صوت له”.

وبحسب ألبيرتو فرنانديز، تعمل الجزيرة على تحديد “الموسيقى المزاجية” لصالح النداءات “الثورية” العنيفة من جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من المنظمات الإسلامية المتطرفة.

وأوضح فرنانديز كذلك أن “قناة الجزيرة تعمل على تلميع النظام القطري برغم استبداديته، عبر إظهار نغمة تلبي مشاعر شعبوية”.

وتعليقًا على خدمات منبر الجزيرة للجماعات الإسلامية المتشددة، أفردت صحيفة “واشنطن تايمز” الأمريكية مقالة في 17 شباط/فبراير تحت عنوان “قطر – قاعدة مضيافة لجماعة الإخوان المسلمين”، شددت فيها على دور الجزيرة في إيصال الصوت المتشدد على لسان قيادات الإخوان في الدوحة.

ورأى الخبير الإعلامي الأمريكي “ديفيد ريبوي” أن “توجهات الجزيرة الإخوانية تبلورت بعد أن أصبحت النسخة الإخوانية من الدين الإسلامي أيديولوجية قطر الفعلية، ما دفع القناة إلى التحول إلى “واحة مضيافة” لشخصيات الإخوان”.

وبالفعل، تنتهج الجزيرة أسلوب التلقين للمشاهدين عبر محتواها الإعلامي، فضلًا عن استخدام آليات تلاعب إعلامي باتت معروفة لدى المراقبين.

ويمكن القول إن الإخوان لعبوا الدور الرئيس في برمجة وصياغة الخط التحريري لقناة الجزيرة منذ انطلاقها في عام 1996، ما وفر دعمًا أيديولوجيًا إسلامويًا قويًا للشبكة.

وبالطبع، جميعنا نعرف برنامج “الشريعة والحياة” الذي منح دور البطولة ليوسف القرضاوي، أبرز فقهاء الإخوان.

وفي الوقت ذاته، لعب الإخوان دورًا حاسمًا عبر منصة الجزيرة في ممارسة الإسقاط الإعلامي النفسي الذي يظهر “قوة” أو “شعبية” النظام القطري، مقابل تشويه دول مجاورة أبرزها السعودية والإمارات.

وربما بلغت ذروة التوجيه الإعلامي القطري الداعم للإخوان عبر الجزيرة إبان ما يسمى “الربيع العربي”، الذي استغل فيه الإخوان موجات الاحتجاجات في العالم العربي من أجل قلب الأنظمة السياسية فيها، وهو ما يتناسب تمامًا مع سياسة الدوحة الخارجية.

هذه العملية الإعلامية من قطر أثارت حفيظة الدول الخليجية، مثل السعودية والإمارات، اللتين رأتا في مواجهة محتوى الجزيرة حاجة ملحة، وهو ما جرى إدراجه على قائمة مطالب الدول الخليجية عام 2017 كشرط مسبق لاستعادة العلاقات السياسية مع الدوحة.

من المؤسف حقًا إدراك حقيقة أن شبكة الجزيرة هي الأكثر نجاحًا من ناحية عمليات التأثير السرية على مستوى العالم، إذ استطاعت أن تزعزع استقرار دول بأسرها.

لقد حان الوقت لإدراك مهمة الجزيرة الرئيسة، المتمثلة في 4 عناصر رئيسة؛ هي تقويض استقرار دول خليجية، وترويج أفكار الإسلامويين أمام الشعوب والبسطاء، ودعم حركات جهادية مثل القاعدة وطالبان، والوقوف إلى جانب إيران في مواجهة العقوبات. ومن الجدير بنا كذلك الحذر من رسائل “الجزيرة الإنجليزية” التي تبيض السياسات القطرية الخارجية أمام الجمهور الغربي.

المصدر : كيوبوست

تحقيقات