اليقين
المقالات

طارق عفاش وصقر قريش: ما اشبه الليلة بالبارحة.

اليقين


بقلم/حفيد الضافر الحميري.

المُتَتَبِع لمسيرة طارق محمد عبدالله صالح (عفاش) منذ انتفاضة الثاني من ديسمبر 2017م ومابعد المواجهات المسلحة التي حدثت مع مليشيات الحوثي المدعومة من إيراني وصولا إلى ماوصل اليه العميد طارق عفاش اليوم من مكانة إجتماعية وعسكرية وسياسية رفيعة لايجد بُداَ إلا أن يتذكر ماحدث للامير الاموي عبدالرحمن ابن معاوية الملقب ب(صقر قريش) او(عبدالرحمن الداخل) الذي أسس الدولة الاموية في الاندلس بعد زوالها على ايدي العباسيين الذين يَدَّعون الحق الالهي في الحكم خلافاََ لقوله تعالى وأمرُهُم شورى بينهم .

فكلا الرجلين ( طارق عفاش وعبدالرحمن الداخل) مرّ بظروف استثنائية ومواقف ونتائج متشابهة حد التطابق في معظم تفاصيلها والتي سنبين جانبا منها هُنا.

فبعد سقوط عاصمة الدولة الأموية في دمشق وقيام الدولة العباسية بقيادة ابو جعفر المنصور (الملقب بالسفاح) وانتشار جنوده (المُسوّدة) في شوارع دمشق والشام وغيرها من المدن والأمصار بحثا عن اُمراء الاسرة الاموية لقتلهم والتنكيل بهم إضطر الكثير منهم للهروب إلى اماكن بعيدة عن سلطة العباسيين، وكان عبدالرحمن ابن معاوية بن هشام ابن عبدالملك ( صقر قريش) ضمن الذين تمكنوا من الافلات من قبضة وبطش العباسيين إلى الحجاز ثم إلى مصر ثم ليبيا وتونس وصولا الى المغرب، وهناك مكث اربع سنين عند اخواله لأُمه (البربر) على مشارف مضيق جبل طارق قبل دخوله الى الاندلس ليُتَوّج أميرا على قرطبة ثم على الأندلس بشكل عام بمساعدة الامراء والحكام اليمانيين الذين وقفوا معه وساعدوه في بناء جيشه وإقامة الإمارة وتوطيد الحكم على كامل اراضي الاندلس في بضع سنين لينظم إليه بعد ذلك الكثير ممن بقى من افراد اسرته وغيرهم ممن تولوا المناصب الإدارية والعسكرية في عهد الامويين وتم تهميشهم واتهامهم بانهم من بقايا العهد الأموي.

لقد سجل التاريخ أن عبدالرحمن الداخل اضطر مرغما الى ترك اسرته وأبنائه وإخوانه وأقاربه في قبضة العباسيين بدمشق والشام والمدينة وغيرها يتعرضون للبطش والسجن والافقار والتنكيل بل لقد تم قتل الكثير منهم بمن فيهم اخوه هشام ابن معاوية الذي قتله المُسَوّدة رغم انهم اعطوه العهد بالامان اذا رجع اليهم من وسط نهر دجله ولم يلحق باخيه عبدالرحمن الذي شاهد قتل هشام من الضفة الأخرى للنهر لأنه كان قد تجاوزه سباحة الى الضفة الاخرى.

وهذه المواقف هي نفسها او قريبة منها حصلت للعميد طارق صالح حين تمكن من النزوح والخروج من صنعاء على إثر المعارك التي حُسِمَت لصالح الحوثيين للعديد من الاسباب ومنها الخيانات لتي حصلت من بعض قادة الالوية العسكرية القريبة من صنعاء ومنها قوات الاحتياط حينها بالإضافة إلى تخلي قبائل طوق صنعاء عن دورها في مساندة الزعيم صالح الذي اعلن انتفاضة
الثاني من ديسمبر دفاعا عن النظام الجمهوري الذي يسعى الحوثيين للقضاء عليه وتأسيس دولة الملالي كما تبين للجميع خاصة بعد أن وطدوا نفوذهم في صنعاء خلال الفترة الممتدة بين عامي 2015- 2017م وما بعدها.

وإذا كان عبدالرحمن ابن معاوية قد ترك اسرته وأبنائه وإخوته في دمشق والشام ونزح هربا الى المغرب فإن العميد طارق قد ترك في صنعاء اخوه محمد محمد عبدالله صالح وابنه عفاش طارق وابناء واسرة عمه الزعيم صالح والذين لازال البعض منهم يقبع في سجون الحوثيين حتى الان رغم المناشدات والوساطات المحلية والعربية والضغوطات الاممية.

لقد خرج ( صقر قريش عبدالرحمن ابن معاوية) من دمشق وحيدا مطاردا ملهوفا ولكنه بعد اربع سنوات فقط استقر به المقام في قرطبة حاكما واميرا عليها ، وخرج (صقر اليمن طارق عفاش) من صنعاء وحيدا وجريحا ينزف الدماء ويختزل الم خيبة الأمل ممن تم الوثوق بهم فخانوا العهد ونكثوا الوعد وحدث ماحدث

خرج من صنعاء متنقلا من مكان الى آخر ( من صنعاء الى البيضاء ومارب وشبوة ثم عدن ) ليستقر به المقام في الساحل الغربي على مشارف مضيق باب المندب - في تعز - وخلال اربع سنوات اصبح قائدا للمقاومة الوطنية وقائد والوية حُراس الجمهورية ورئيسا للمكتب السياسي ثم نائبا لرئيس الجمهورية مؤخرا.

ومثلما كان خوف العباسيين في بداية قيام دولتهم من تنامي شعبية عبدالرحمن الداخل والامويين عامة فحاولوا زرع حركات التمرد عليه في الاندلس أو اغتياله بالسم اكثر من مرة ليتخلصوا من شبح عودة الأمويين فإن الحوثيين لازالوا يرتعدون خوفا من اسم عفاش واسرته بمن فيهم السفير احمد علي وطارق عفاش الذي تمكن من سحق المليشات الحوثية في اكثر من معركة في الساحل الغربي والحديدة وغيرها من المناطق ، بل لقد اظهر الحوثيين خوفهم ليس من اسرة عفاش فقط وانما ايضا من وكل من يتعاطف معهم ولذا تم التنكيل بهم واستهدافهم إعلاميا وشيطنتهم بالباطل كما انهم لم يفرجوا عن من لازالوا في السجون من اسرة عفاش حتى الان نظرا لتنامي شعبيتهم لدى اليمنيين بعد ان تبين لليمنيين الوجه القبيح الحوثيين واهدافهم الخبيثة في إعادة الإمامة واستعباد الناس بدعاوى باطلة لا اصل ولا اساس لها لافي الدين ولا الشرع لأنها خرافات واوهام الماضي المشوه التي لايتقبلها لا عقل ولا منطق وهي إدعاء الحق الالهي المكذوب والمزعوم في الحكم.

ملاحظة لابد منها:

إذا كان هناك من فارق بين صقر قريش ابن معاوية وصقر اليمن ابن عفاش فهو فإن الاول. ( صقر قريش)كان قد اسس دولة اموية في الاندلس على غرار ماكان في دمشق وغيرها من الامصار إلا أن (صقر اليمن طارق عفاش) يسعى إلى جانب شرفاء الوطن وبكل قوة وإخلاص لبناء اليمن- يمن كل اليمنيين- وحماية النظام الجمهوري من ادوات إيران الحوثيين الذين يسعون لترسيخ المذهب الشيعي الاثناعشري الجارودي بدلاَ عن المذهب الزيدي في اليمن وإعادة حكم الإمامة وبصورة ابشع مما كان عليه الامر قبل ثورة ال26 من سبتمبر 1962م ولكنهم سوف لن يجنون الا الخسران والهوان إذا توحدت الإرادة اليمنية ضد المشروع الفارسي الخبيث، وهذا مايسعى طارق عفاش وكل شرفاء اليمن لتحقيقه باذن الله.

المقالات