تحقيقات

يمانيون في المنفى ... شردتهم حرب الحوثي الطائفية ”قصص إنسانية”

اليقين

اليقين ... تحقيقات

في المنفى.. في الغربة.. قصصنا نحن الشباب تتشابه كثيراً.. وحين قررنا سردها على بعضنا أدركنا أن السبب واحد.. الشبح واحد، والكابوس الذي أفزعنا جميعاً كان واحداً.

"م. ص" 25 عاماً، كان يعيش بأمان في بيته وبين أسرته إلى أن دخل الحوثي صنعاء.. القدر كان سيئاً للدرجة التي يجعل هذا الشاب وعائلته متجردين من كل شيء: بيتهم.. مصدر رزقهم.. وكل شيء... دخل الحوثي صنعاء ودمر بيتهم، كون أبيه كان سياسياً.. تفرقت العائلة في كل بلاد، وهو أكمل طريقه إلى الغربة بعيداً عن كل تفاصيله السابقة.. عاش حياة قاسية لا تمت إلى حياته السابقة بصلة.

كان يحدثنا والأسى يحتل وجهه، والتعب قد وضع بصماته على ملامحه الشابة. يقول "م. ص"، إن الحوثي شردهم بطريقة سيئة وأن بيتهم الآن يعتبر أحد مقرات الحوثي في صنعاء.. وأن عائلته في القرية.. ويشير إلى أن الجميع يمر بظروف صعبة وكل ما بناه أبوه لا شيء منه الآن.

وختم حديثه بالقول: الآن أنا مشرد أبحث عن وسيلة للهروب إلى أوروبا وأنا أعرف أنها مجازفة تجعلني بين الحياة أو الموت، لكن لابد منها لكي تستمر حياتي.

يقول شاب آخر "ط.ع" 27 عاماً، إنه بدأ بمشروع صغير بعد أن غدا يتيماً، توفي والداه وقرر البدء بمشروعه لتغطية تكاليف دراسته الجامعية، لم يكن يعلم أن هناك شبحا يتربص به على هيئة عصابة.. أكلت مشروعه الضرائب والمضايقات التي كان يواجهها منذ أن بدأ مشروعه الخاص، تراكمت عليه الديون إلى أن أنهى دراسته، لاحقوه ليسجنوه بذريعة التهرب من الضرائب، حزم أمتعته حين وجد سنداً له يقول له سافر.. فغادر أرض الوطن تاركاً كل أحلامه هناك... غادر "ط.ع" إلى مصر ومن ثم إلى المغرب بعد أن استطاع توفير رسوم التهريب إلى أوروبا.. لكن الحظ لم يوافقه مرة أخرى، فبعد أن واجه متاعب التهريب ببن الصحراء والخوف والرعب في صحراء موريتانيا وليبيا وصل إلى المغرب، وأثناء هروبه من بوابة المغرب إلى بوابة إسبانيا لمحه جندي من حرس الحدود وقبض عليه وأبرحه ضرباً وسُجن وذاق مرارة العذاب.. خرج من السجن وقرر المحاولة مرة أخرى، ولكن هذه المرة كانت أقسى من سابقتها بعد أن أخذه المهرب المغربي إلى مكان خالٍ استل خنجره عليه وسلبه نقوده بعد أن هدده بالقتل ورحل.. عاد إلينا "ط.ع" مكسوراً يروي كل التفاصيل بحرقة ويلعن كل من أوصله إلى هذا الحال.. قرر "ط.ع" تجاوز الإحباط الذي أصابه بعد هذه المحاولات الكثيرة للاستمرار في الحياة، فبالنسبة له العودة إلى اليمن في عهد الحوثي أصبحت كابوساً لا يريد أن يعيشه.. سافر صديقنا مرة ثالثة محاولاً اختراق كل هذه الأقدار والإحباط حتى وصل إلى إسبانيا كلاجئ وقصة لجوئه أن الحوثيين دمروا حياته بشكل تام.

"ح. ص" 26 عاماً، فقد الكثير بعد أن كان والده موظفاً حكومياً في وزارة الدفاع، وكان الحال مستوراً إلى ما قبل اقتحام الحوثيين المؤسسات الحكومة، أصبحت حياته أشبه بكابوس كما وصف لنا.. فقد تم إيقاف والده من العمل وتبديله بشخص يحمل لقب "هاشمي".. فظل والده في البيت بلا عمل أو احتياطي نقدي يستطيعون العيش منه إلى أن يفرجها الله.. كان "ح. ص"، يدرس هندسة في السنة الثانية، لكنه لم يستطع إكمالها بسبب أن والده لم يعد قادرا على دفع تكاليف دراسته.. قرر الهروب من الوطن.. من الواقع، ليبحث عن معيشة تحقق أحلامه وتستر حاله وحال عائلته التي كانت تعيش بعفة وستر كبير. هرب "ح. ص"، كما فعل الآخرون، بعد أن استطاع تدبير مبلغ مالي يوصله إلى أوروبا.. عاش في القاهرة الكثير من العناء والتعب جراء الحزن والأخبار السيئة التي كانت تصله بشأن حالة أسرته المعيشية وإلى أي درجة وصل بهم الوضع السيئ.. سافر واختفى سبعة أشهر بسبب الضغوطات التي كان يواجهها، وبعد سبعة أشهر ظهر وبدأ بالتواصل مع الجميع وحصل على لجوء وعمل بعد أيام شاقة قضاها في التهريب والغربة.. لكنه استطاع الحصول على عمل يغطي القليل من احتياجاته المعيشية والقليل من احتياجات أسرته كما قال لنا. هذه ليست إلاّ بعض الحالات التي نسمعها ونقابلها في الغربة، وكل شاب له أسباب معينة، وجميع الأسباب مرتبطة بما صنع الحوثيون في اليمن بأسرنا ومستقبلنا ووطننا.

مشردون بكل بقاع الأرض لنستطيع العيش بعفة والاستمرار بالحياة.. حنشان الظما من التهموا أحلامنا وصبرنا وبلادنا ومستقبلنا في اليمن.

لسنا مرتاحين بهذا الرحيل وبهذه الغربة، ولكن الحياة فرضت علينا ما وصلنا اليه اليوم.. والحوثي كان سبباً رئيسياً لكل ما واجهناه وما زلنا نواجه ونحن نبحث عن ملجأ آمن يحفظ أحلامنا ويضمن مستقبلنا..!

المصدر : نيوز يمن 

تحقيقات

آخر الأخبار